الثلاثاء، 17 يونيو 2014

قال الله تعالي : {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً } فما هو القول الصواب؟

قال الله تعالي :
{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّايَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً } 
 فما هو القول الصواب؟
وتجدون الجواب في مُحكم الكتاب في قول الله تعالى: 
{وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى} 
صدق الله العظيم [النجم:26]
 إذاً العبد الذي أذن الله لهُ بالخطاب ورضي لهُ قولاً لم يسأل الله الشفاعة لأحد من عبيد الله على الإطلاق بل سأل ربه أن يرضى في نفسه ليتحقق النعيم الأعظم من جنته، وذلك لأن الله هو أرحم الراحمين، ذلك لأن الله حزين ومُتحسر على عباده الذين ظلموا أنفسهم، وبما أن حسرة الرب عظيمة على عباده كونه أرحم الراحمين ولذلك تجدون العبد الذي أذن الله لهُ بالخطاب لم يقل إلا صواباً فسأل ربه أن يرضى في نفسه كون الله هو أرحم الراحمين ومُتحسر وحزين على عباده الذين ظلموا أنفسهم برغم أن الله لم يظلمهم شيئاً بل هم الذين ظلموا أنفسهم وكفروا برسُل ربهم، ثم ينصر الله رُسله عليهم ببأس شديد كما وعدهم حتى إذا أهلكهم ومن ثم تحلّ في نفسه الحسرة عليهم والحُزن والأسف.  
وقال الله تعالى:{فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} 
صدق الله العظيم [الزخرف:55]
 ومن ثم يتحسر عليهم من بعد أن انتقم منهم بغير ظُلم. وقال الله تعالى:
 {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَ‌ةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّ‌سُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَ‌وْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُ‌ونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْ‌جِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُ‌ونَ ﴿٣٢﴾}
 صدق الله العظيم [يس] 
وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} 
 صدق الله العظيم [البقرة:165]
 والسؤال الذي يطرح نفسه لمن كان في قلبه أشدُّ الحُب هو لله فيحبه أكثر من كُل شيء في الوجود كُله في الدُنيا والآخرة وأشدُّ من حُبه لجنة النعيم والحور العين:
فهل يرى أنهُ سوف يكون سعيداً في جنة النعيم بعد أن علم بمدى حسرة الله في نفسه وحُزن الله على عباده الذين ظلموا أنفسهم؟ 
 إذاً يا أحباب الله إن كان في قلوبكم أشدّ الحُبِّ هو لله فلا تفرحوا بنصر الله لكم أن يهلك الكافرين، وذلك لأن الله حين ينتصر لكم فينتقم منهم فيهلكهم فيصدقكم بما وعدكم ثم يدخلكم جنته ثم تفرحون أن الله انتصر لكم من عدوه وعدوكم وأدخلكم جنته وأدخلهم ناره، ولكني لم أجد أن الله كذلك فرحٌ وسعيدٌ مثلكم كونه انتصر لكم فأهلك عدوكم وأورثكم الأرض من بعدهم حتى إذا أماتكم أدخلكم جنته ومن ثم تكونون
 من أصحاب الجنة:{فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} 
صدق الله العظيم [آل عمران:170]
 فما خطبكم يا أحباب الله لا تفكرون إلا في أنفسكم وسعادتكم فتتخذوا رضوان الله كوسيلة ليقيكم من ناره ويدخلكم جنته فتتحقق سعادتكم؟ فهل تحبون أنفسكم أم تحبون الله؟ فإن كنتم تحبون الله حُباً شديداً فكيف يسعد الحبيب وقد علم أن حبيبه ليس بسعيد وآسف وحزين على عباده الذين ظلموا أنفسهم؟ ولذلك تجدون أن الإمام المهدي عبد النعيم الأعظم قد حرّم على نفسه جنة النعيم وحورها وقصورها مهما كانت ومهما تكون ومهما بلغت من النعيم فيأبى أن يدخلها حتى يُحقق له الله النعيم الأعظم منها فيكون ربي حبيبي سعيداً في نفسه لا آسفاً ولا حزيناً على عباده الذين ظلموا أنفسهم، وسبب حسرته وأسفه وحُزنه على عباده الذين ظلموا أنفسهم هو بسبب صفة الرحمة في نفسه لأنه أرحم الراحمين ولايوجد شيء في الخلق هو أرحم من الله أرحم الراحمين ، بل الفرق عظيم وليس أنه أرحم من الرحماء بشيء بسيط بل الفرق عظيم عظيم عظيم.. ومن ثم تتصورون مدى الحسرة في نفس الله أرحم الراحمين، ولن تستطيعوا أن تتصوروا كم عظيم مداها حتى تتخيلوا أن آباءكم وأمهاتكم وأبناءكم وإخوانكم في نار جهنم يصطرخون فيها من عذاب الحريق، فتصوروا كم مدى الحسرة في أنفسكم على أرحامكم فما بالكم بحسرة الله أرحم الراحمين؟ 
فما خطبكم يا أحباب الله لا تتفكرون في حال ربكم فهل هو فرح مسرور أم غاضب على قوم لم يهلكهم بعد ومُتحسر 
على آخرين قد انتقم منهم فأصبحوا نادمين فتحسر عليهم؟ 
فما خطبكم يا أحباب الله لا تتفكرون إلا في أنفسكم كيف تُحققون السعادة لأنفسكم والفوز بجنة النعيم والحور العين وأن يقيكم عذاب الجحيم؟ 
فهل في ذلك الحكمة من خلقكم أن يدخلكم جنته ويقيكم ناره؟ كلا وربي ووالله ما خلقكم الله إلا لتعبدوا رضوان الله وحده لا شريك له ومن ثم تجدون أن رضوان الله هو النعيم الأعظم من جنته. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
 صدق الله العظيم [التوبة:72] 
وفي ذلك سر الحكمة من خلقكم أن تعبدوا رضوان الله على عباده.
 تصديقاً لقول الله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} 
صدق الله العظيم [الذاريات:56]
 وقال الله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً}
 صدق الله العظيم [الفرقان:59]
 وما يريده الخبير بالرحمن في مُحكم القرآن الإمام المهدي هو أن يخبركم بحال ربكم الله أرحم الراحمين أنهُ ليس بسعيد بل مُتحسر على عباده الذين ظلموا أنفسهم فكُلما بعث الله رسولاً ليدعو الناس إلى الله ليغفر لهم أعرضوا:
 {وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْ‌نَا بِمَا أُرْ‌سِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِ‌يبٍ ﴿٩﴾ قَالَتْ رُ‌سُلُهُمْ أَفِي اللَّـهِ شَكٌّ فَاطِرِ‌ السَّمَاوَاتِ 
وَالْأَرْ‌ضِ ۖ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ‌ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ}
 صدق الله العظيم [إبراهيم:9-10]
 وقال الله تعالى: {فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ}
 صدق الله العظيم
 أفلا ترون أن الله يتأسف على عباده ويتحسر عليهم. وقال الله تعالى:
 {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَ‌ةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّ‌سُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَ‌وْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُ‌ونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْ‌جِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُ‌ونَ ﴿٣٢﴾}
 صدق الله العظيم [يس]
 فما هو الحل يا أحباب الله فقد تبين لكم أن الله ليس بسعيد في نفسه بل مُتأسف ومُتحسر وحزين على عباده الذين أصبحوا نادمين بعد أن أهلكهم الله فيقول أحدهم: 
 {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإن كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}،
 فأصبحوا نادمين وغمر قلوبهم الندم من فور موتهم أو حين يهلكهم الله بعذاب من عنده. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ﴿٤٠﴾ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ} 
صدق الله العظيم [المؤمنون] 
حتى إذا أصبحوا نادمين ولم يعودوا مصرين على ما كانوا يفعلون، ولكن بعد فوات الأوان.. ومن ثم تحل الحسرة في نفس الله على عباده بعد أن أهلكهم فأصبحوا نادمين. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَ‌ةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّ‌سُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَ‌وْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُ‌ونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْ‌جِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُ‌ونَ ﴿٣٢﴾} 
صدق الله العظيم [يس] 
وتجدون الإمام المهدي لطالما يذكركم بآية الحسرة في نفس الله لكي يحيي قلوبكم بذلك فتدمع أعينكم فتقولوا ياحسرتنا على النعيم الأعظم لو لم يتحقق فلما خلقتنا يا أرحم الراحمين فلن تُحل المُشكلة لو اتخذنا رضوانك وسيلة لتحقيق الجنة والنجاة من النار فما الفائدة مالم تكن قد رضيت في نفسك لا مُتحسراً ولا حزيناً، فإذا لم تُحقق لنا ذلك فلما خلقتنا يا إله العالمين؟
 ونعلم بجوابك في مُحكم كتابك عن الحكمة من خلق عبادك في قولك الحق:
 {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
 صدق الله العظيم [الذاريات:56] 
ولكنه لن يتحقق الهدف من رضوان نفسك حتى نتخذ رضوانك غاية وليس وسيلة لتدخلنا جنتك وتقينا نارك، ونعلمُ أنك على كُل شيء قدير ولن يتحقق النعيم الأعظم في قلوبنا حتى تُحقق مشيئتك في محكم كتابك:
 {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} 
صدق الله العظيم [يونس:99]
 ويا أرحم الراحمين إن عبدك يسألك بحق لا إله إلا أنت وبحق رحمتك التي كتبت على نفسك وبحق عظيم نعيم رضوان نفسك أن تهدي أهل الأرض كُلهم جميعاً، فتجعل عبادك أمةً واحدةً على صراط مُستقيم رحمة بعبدك الذي يعبد رضوان نفسك غاية وليس وسيلة، ووعدك الحق وأنت أرحم الراحمين. وقال الله تعالى:
 {وَلَوْ شَاءَ رَ‌بُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨﴾ إِلَّا مَن رَّ‌حِمَ رَ‌بُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَ‌بِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴿١١٩﴾} 
صدق الله العظيم [هود] 
وإنما ستملؤها من شياطين الجن والإنس أجمعين. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ ﴿٨٤﴾ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٨٥﴾} صدق الله العظيم [ص]
 ولكن الإمام المهدي يريد منك ربي أن تهدي من أجله ما دون ذلك من عبادك جميعاً الذين لو علموا أني الإمام المهدي خليفة الله عليهم من اصطفاه الله للناس إماماً كريماً لما وسعهم إلا أن يُسلموا لخليفة الله تسليماً، فيكونوا لهُ ساجدين بالطاعة وليس سجود الجبين فنهديهم بالقرآن المجيد إلى صراط العزيز الحميد.  
ـــ
وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله رب العالمين.. 
خليفة الله الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق